الأنواء الفلكية والمواسم الزراعية في تهامة        
       نوء الغفر 

يطلع نوء الغفر في اليمن فجر يوم 9 نوفمبر ميلادي، الموافق 27 تشرين أول سرياني، الموافق 27 ذو الصراب الأول حميري، و قد مضى 26 يوما من فصل الشتاء في اليمن، و عدد أيامه ( 13) يوما.
ونوء الغفر ثلاثة نجوم طمس خفية تكون بين زباني العقرب وبين السماك الأعزل على خط فيه تقويس، وهو أول النجوم اليمانية، وأول أنواء فصل الشتاء بحلول الشمس فيه.
 تظهر في نوء الغفر المظاهر الشتوية بوضوح، وحيث تزداد البرودة ليلاً أكثر من ذي قبل، مع اعتدال في النهار ، و ما تزال الرياح الجنوبية الغربية ( الأزيب)  في هبوبها لتلقيح الأشجار والنباتات، ويبدأ فيه البحر الأحمر - خاصة جنوبه-  بالهيجان، وتلبس الرجال والنساء والكبار والصغار الملابس الدافئة .
 ويقول ساجع العرب فيه : ( إذا طلع الغفر أقشعر السفر، وتربل النضر، وحسن في العين الجمر )، ومعنى قولهم (اقشعر السفر) أي خاف المسافرون من السفر  لدخول الشتاء، ومعنى قولهم (تربل النضر) أي ذهبت النضارة عن الأرض والشجر- وهذا خاص بالمناطق الجبلية، ومناطق وسط الجزيرة العربية، و أما في تهامة الخير فهي جنة الدنيا هذه الأيام -، و معنى قولهم (حسن في العين الجمر) أي للتدفئة .   
وتقول العامة في تهامة  :(الغفر يغفر الله لمقصرة)(والقصرة هي أراضي زراعية واسعة،وبطلق هذا اللفظ على أماكن متعددة منها قصرة بيت الفقيه) أي أن المطر  النازل هذه الأيام بإذن الله، يجعلها تأتي بأجود محصول من الحبوب والعجور، ولذا يشاهد تتراكم السحب هذه الفترة نهارا بإذن الله ويرجى غيثها.
و يبدأ النمل في الاختفاء في باطن الأرض هذه الأيام ليغيب عن الأنظار مدة فصل الشتاء.
ولاتقطع فيه الأشجار المزهرة أو قريبة الإثمار ، أو أشجار النخيل ذات الطلع المتقدم، لئلا تأكله الأرضة (السوس).
 ويصادف وسط هذا النوء بداية شهر تشرين ثاني،وهو من أفضل الشهور لغرس الشتلات، والأشجار .
و يبرد الجو في أواخره ظهرا حتى قيل : (يرقد امكلب على امغريف(كثيب رمل) ظهرا)، وكما يستطيع الانسان أن يمشي حافيا.
ويأتي هذا النوء في بداية موسم العشوي( الوسمي) أي شروق الثريا عشاء. ويزرع في هذا النوء معظم الخضروات والفواكه كالفول والبصل والكراث والطماطم، وكل مايزرع في نجم السماك الأعزل، وتزرع فيه حبوب الذرة الحمراء، و والذرة الصفراء(الهند)، وكذا حبوب الذرة البيضاء،المسماة بالتشرينية، ويكثر فيه جني محصول البسباس، ويقل فيه جني محصولي الفل والليمون.
 وكما يحسن حبس  الماء فيه عن الأشجار التي بدأت في الإزهار، ذات التربة الطينية، أما ذات التربة الرملية فيقلل من كثرة السقي لها فقط .
 وكما يصلح فيه نقل وغرس جميع الأشجار حتى النخيل.
يحتمل أن يظهر هذه الأيام مرض الندوة العسلية ( الدباس أو العسال أو الحطام ) وهو كثيراً ما يصيب المزروعات التي تزرع على الآبار، وعلى وجه الخصوص نبات الكوسة، لذا يجب تعفيرها بالكبريت في الصباح الباكر. 
ويقال أن الحدأة والرخم والخطاف يختفون في الكهوف والأغوار هذه الأيام.
وكما يبدأ فيه أوائل النحالين - الذين رحلوا بنحلهم إلى المناطق الجبيلة- بجنى محصول عسل السدر (العلب) .

لاتزال أوقات صلاة الظهر والعصر و المغرب والعشاء في أقصى درجات تقدمها،فمثلا مدينة الحديدة يؤذن فيها للظهر في 11:54. والعصر في       3:11 والمغرب في 5:39 والعشاء في 6:47

ومن الناحية الفلكية: 
فالشمس لها 24 يوما في  برج الميزان ، وفي منزلة الإكليل.
أما فجرا : فالمتوسط منزلة  النثرة، والغارب منزلة الشرطين، وتشاهد مجموعة الدب الأكبر ( بنات نعش)، وهي مرتفعة عن الأفق الشمالي الشرقي، وكذا يشاهد نجم السماك (الحيمر) فوق الأفق الشرقي، وكما ترى الثريا في الأفق الغربي متدلية للغروب.
أماعشاء : فطالع أول الليل منزلة الثريا، وطالع العشاء منزلة الدبران، والمتوسط منزلة سعد الأخبية ،والغارب منزلةالقلب (ويسمى أيضا الحيمر في وسط الجزيرة العربية )، كما تشاهد نجوم ذات الكرسي، وهي مرتفعة عن الأفق الشمالي الشرقي، وكما يشرق نجم سهيل الساعة الحادية عشرة ثم ما قبلها ليلا.
ويحصل فيه في بعض السنين قران الخامس عشر ، ويقصد به قران القمر للثريا ليلة الخامس عشر من الشهر الهجري.
والمعلم الزراعي للمناطق الوسطى عشا الثور ( يعني شروق برج الثور )، وأما المعالم الزراعية في تهامة : فمعلم الزبانا في وادي مور، وفي باجل وما جاورها معلم عين الخمسين،وفي وادي زبيد ورماع معلم الحيمر(السماك) . 

إعداد الأستاذ / حسن هبه الزبيدي