قال تعالى {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} يس:37
جاء في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَقْبَل اللَّيْلُ
مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ
مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ،
فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ)
رواه البخاري (1954) ومسلم (1100).
جمع هذا الحديث بين إقبال الليل من جهة المشرق
وسقوط قرص الشمس خلف الأفق، وهو أمر مشاهد،
فإن الظلمة تبدأ في جهة الشرق بمجرد
غياب ضوء الشمس خلف الأفق في مكان ما
وهذا أنه لايعني
غياب الشمس عن جميع الأرض في وقت
واحد لأن الغروب على التوالي، فالشمس في السماء
تدور فوق الأرض،
ولكن من شدة بعدها عن الأرض وانحناء الأرض
وتقوس سير الشمس
بالانخفاض عند كل مكان يحل فيه الليل
ويسلخ منه النهار ،
يغيب ضوء الشمس بالأفق، والناظر لها يشاهد
أن الشمس تغرب
أسفل الأرض قريبة منه والحقيقة هي في وسط السماء،
وإنما هو حدث سلخ الليل عن النهار،والسلخ
هو حجب الشمس
مع ضوئها،
بالظلمة ، فبعد السلخ يكور الله الليل على النهار،
ويكور النهار على الليل، ويحدث الليل ويعقبه النهار
وهما من آيات الله العظيمة، فجعل الله جل جلاله
النهارمبصرًا والليل مظلمًا
والشمس ليست لوحدها التي تضئ الكون لكن طلوعها
نورها يتزامن مع ضوء النهار، لأن الكون يسفر
قبل طلوع الشمس ، ويقبل الليل قبل أن تغيب
وهذا هو الذي يظهر لنا، والعلم عند الله ،
وذلك بعد متابعتنا لشروق الشمس وتوسها في السماء
وغروبها في جميع أنحاء المعمورة،
علماً بأن الشمس
تبعد عن الأرض ١٣ مرة مقدار بعد القمر عن الأرض،
والسبب هو أن القمر ينزل كل يوم منزلة ، فيقطعها
خلال اليوم والليلة ،
أما الشمس فمدة مكثها بالمنزلة كل ١٣ يومًا
لكل المنازل ، ماعدا
منزلة الجبهة ١٤ يومًا،
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قوله: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا) أي: من جهة المشرق،
والمراد به وجود الظلمة
حسًا، وذكر في هذا الحديث ثلاثة أمور؛ لأنها
وإن كانت متلازمة
في الأصل، لكنها قد تكون في الظاهر غير متلازمة،
فقد يظن إقبال الليل
من جهة المشرق ولا يكون إقباله حقيقة، بل لوجود
أمر يغطي ضوء الشمس،
وكذلك إدبار النهار، فمن ثَمَّ قيَدَّ بقوله:
(وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ)، إشارة إلى اشتراط تحقق
الإقبال والإدبار،
وأنهما بواسطة غروب الشمس لا بسبب آخر" انتهى.
"فتح الباري" (4/ 196).
وقال النووي رحمه الله:
"قال العلماء: كل واحد من هذه الثلاثة يتضمن
الآخرَيْن ويلازمهما،
وإنما جمع بينها؛ لأنه قد يكون في وادٍ ونحوه،
بحيث لايشاهد
غروب الشمس، فيعتمد إقبال الظلام
وإدبار الضياء" انتهى.
الفديو مشهد تصوري لآيتي الليل والنهار
يبين عظمة تقدير الخالق
سبحانه في جميع مخلوقاته.