الأنواء الفلكية والمواسم الزراعية في تهامة
نوء الدبران
يطلع في اليمن فجر يوم 18 يونيو ميلادي، الموافق 5 شهر حزيران سرياني، و الموافق أيضا 5 شهر ذو القياظ حميري، وعدد أيامه ( 13) يوما، ونوء الدبران يعد رابع نوء من أنواء فصل الصيف في اليمن، وكما يعتبر هو أحد المنازل( الشامية) الشمالية، وهو نجم أحمر نيّر، حوله مجموعة نجوم كثيرة (عددها سبعة نجوم تقريبا فيما يرى بالعين )، على شكل زاوية حادة رأسها الى الغرب، أو على شكل حرف الدال، وهو في طرفها، وسمى الدبران بهذا الاسم لأنه في دبر الثريا أي خلفها، وكذا يسمى بالتويبع لأنه تابع للثريا، و في رابع يوم منه الموافق 21 يونيو،والموافق 8 حزيران سرياني،والموافق 8 ذو القياظ حميري، يحدث أطول نهار وأقصر ليل في السنة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، ففي مدينة الحديدة مثلا يكون النهار (13ساعة)، و الليل(11 ساعة )، ويسمى هذا اليوم بيوم الانقلاب الصيفي ،حيث تبلغ الشمس أقصى ميل لها جهة الشمال ('23.5)درحة تقريبا، ثم تبدأبالعودة إلى الجنوب، وينتهي في يوم 21 يونيو و قصر الليل، ثم يأخذ الليل في الزيادة والنهار في نقصان من يوم 23 يونيو ميلادي، الموافق 10حزيران سرياني، الموافق 10 ذو القياظ حميري، ويبلغ في يوم 21 يونيو طول ظل الأشياء أطول ما يكون إلى جهة الجنوب، حيث يكون فى مدينة الحديدة طول ظل الإنسان وقت الزوال قرابة قدم
واصبع، ثم بعد ذلك يبدأ طول الظل في النقصان.
وكما يبدأ 21 يونيو قطع الأخشاب إلى نهاية منزلة الهنعة، ويستحسن تغطيتها بورقها لئلا تفطرها الشمس .
ويسود في هذا النوء موسم هبوب الرياح الشمالية (الحرضية) والتي تكون محملة بالغبار والأتربة،غالبا،
و تمتاز بأنها رياح جافة، لافحة، حارة، غير مستقرة، تنشط على فترات، وتبلغ ذروتها وسط النهار، و ذلك إن لم تطلع الغيوم التي تغطي السماء، التي غالبا بإذن الله توقف هبوبها، أو تخففه، وتقول العرب: ( ماذكر وادي في التويبع سال ) أي أن الأمطار التي تقع فيه خفيفة جدا، بحيث لا تسيل منها الأودية غالبا، وذلك بقدر الله.
وفي نوء الدبران يقع الحر الشديد والذي يعرف بحر الإنصراف، حيث تقول العامة فيه:
( ما حر إلا بعد الإنصراف، ولا برد إلا بعد الإنصراف ) أي أن شدة الحر تقع بعد انصراف الشمس من الجهة الشمالية إلى الجنوبية من بعد يوم21 يونيو، وكذا شدة البرد بعد انصرافها من الجهة الجنوبية إلى الجهة الشمالية في يوم 23 ديسمبر.
وفي هذا النوء يزداد نضج ثمرة النخيل نوع (المناصف )، ويكثر تواجد الموز، والباباي،
و التفاح ولا تزال أنواع المانجو (القلب والسمكة ) موجودة في الأسواق، ويقول ساجع العرب في دخوله: ( إذا طلع الدبران توقدت الخدان، ويبست الغدران، واستعرت النيران، واستنمرت الذيبان، ورمت بأنفسها حيث شاءت الصبيان ) أي دلالة على اشتداد الحر والسمائم( الريح الساخنة)، وفالخدان هي الأراضي العالية التي تتوقد من شدة الحرارة، وتجف الغدران( العيون وبرك الماء) واستنمرت الذيبان أي أخذت طبع النمور في المهاجمة لشدة جوعها، وبحثت الصبيان عن أي مكان يستظلون فيه من حرارة الشمس.
وتقول العرب أيضاً: ( إذا طلع الدبران هبت السمائم( الريح الساخنة)، وأسود العنب ).
وتزرع في نوء الدبران الأراضي التي لم تتيسر زراعتها في نوء الثريا بحبوب الدخن، الصيف وأما الذرة البيضاء( القيرع) فيزرع للمواشي فقط، وينضج فيه العنب، ويحمر ويطيب أكله ، ويستحب فيه تناول المبردات،واستعمال ما طبعه البرودة، وتحتاج فيه المزروعات إلى كثرة السقي، وكما يحمد فيه أكل البقول، والبصل.
ومن الناحية الفلكية :
فالشمس في منزلة الهنعة، وفي أواخر برج الجوزاء، ثم تدخل برج السرطان، وأما فجرا: فتتوسط السماء منزلة سعد الأخبية، تغرب منزلة قلب العقرب.
وأما عشاء : فطالع أول الليل نوء النعايم، وطالع العشاء منزلة الشولة والمتوسط منزلةالسماك ، والغارب منزلة الذراع.
والمعلم الزراعي للمناطق الوسطى الظلم الأول،أما معالم الزراعة في تهامة : ففي وادي مور معلم البواجس، وفي باجل والمراوعة فمعلم سهيل، وأما في وادي زبيد ورماع فمعلم الجوز.
وذكر القاضي العنسي ( التقويم الحميري) أنه يقال فيه في تعز:
من زرع الغرب ما غلب .
ويقال أيضا :
يادخن يا ظليمي * سرقت حلمي
وفي إب يقال:
ياتلمت الظلم الأول. يا محرشة ( مختلفة) بين الأبتال.
ويقال في ذمار:
يا متلم الظلم الأول. قد فاق جميع المتالم
وفي ريمة يقال:
ذري الرجوع * يسابق الجوع
ويقال أيضا:
هند الرجوع * يؤمنك من الجوع.
وفي المحويت يقال:
يا هل علمي من سرق حلمي * هذا دخن صلمي.
وفي مأرب يقال؛
الظلم الأول غلابه * والظلم الثاني غنامه.ا.ه
إعداد الأستاذ حسن هبه الزبيدي